This is default featured slide 1 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.

This is default featured slide 2 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.

This is default featured slide 3 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.

This is default featured slide 4 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.

This is default featured slide 5 title

Go to Blogger edit html and find these sentences.Now replace these sentences with your own descriptions.

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

مصلحة الجمارك ودورها فى دعم الثورة



أحمد فرج سعودى
رئيس الجمارك المصرية
قد انطلقت شرارة الثورة المصرية في 25 يناير 2011 من خلال الإنترنت.. وهي لذلك تعتبر أول  ثورة بدأت من خلال التكنولوجيا في تاريخ البشرية. وقد تلت هذه الشرارة الحركة الشعبية والاعتصامات والمظاهرات التي بدأت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011  واستمرت لمدة ثمانية عشر يوماً هي الأيام الخالدة في تاريخ مصر والشعب المصري حيث غطت المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية الشوارع والميادين في كل مدن وربوع البلاد.. بدأت الأحداث باحتشاد أكثر من مليون شخص للمطالبة بتغيير النظام والإطاحة بالرئيس  مبارك، ووضع حد للفساد، والمطالبة بالإصلاح الديمقراطي للنظام السياسي..والإصلاح الإقتصادي والمعيشي لطوائف الشعب الكادح.. ورغم أن المظاهرات جميعها كان يغلب عليها الطابع السلمي إلا أنه مع تطور الأحداث بدأت الشرطة في استخدام العنف وبدأ سقوط الضحايا من الشهداء والمصابين.. ثم تطورت الأحداث تطوراً سريعاً وتوالت بصورة لم يتوقعها أحد.. حتي انتهت في الحادي عشر من فبراير 2011 بتنحي مبارك وتسليمه قيادة البلاد إلي القوات المسلحة
ليكتب بذلك النجاح لأكبر إحتجاجات شهدتها مصر.. لقد تركزت كافة مطالب المتظاهرين والمحتجين والمعتصمين على ضرورة إحداث إصلاح سياسي وإجتماعي وإقتصادي وتوفير ظروف معيشية أفضل للمواطن وقبل كل ذلك وقف قسوة ووحشية رجال الشرطة في التعامل مع المواطنين.. لذا كان الإصرار علي إقالة وزير الداخلية، والمطالبة بزيادة الحد الأدنى للأجور، ووضع حد لقانون الطوارئ وعدم زيادة فترة الرئاسة عن فترتين.
فأتى فى طليعة مطالب الثوار مطلبهم الأول بضرورة مواجهة مشكلة الفقر بزيادة الحد الأدنى للأجور، وتحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم و جميع الخدمات المقدمة للشعب المصري.
 أما المطلب الثانى فكان إلغاء قانون الطوارئ الذي تسبب في إساءة استخدام  قوات ووحدات الأمن القومي له في قمع حرية التعبير وهوالقانون رقم 162 عام 1958 الذي صدر بعد حرب عام 1967، وقد تم تعليقه لمدة 18 شهرا في أوائل  الثمانينيات ، إلا أنه بدأ العمل به منذ إغتيال  الرئيس السادات فى عام 1981 واستمر طوال عهد مبارك، وتم من خلاله توسيع صلاحيات الشرطة، وتعطيل الحقوق الدستورية للمواطنين، والرقابة الغير قانونية.
 ويحد قانون الطوارئ بشدة أي نشاط سياسي يتعارض مع سياسة الحكومة وكذلك يحد من إنشاء ووجود المنظمات غير السياسية ، كما أنه يحظر التظاهر بكل صوره، ، والتبرعات المالية  غير المعتمدة من الحكومة،  وقد كان المطلب الثالث للمتظاهرين ضرورة إقالة وزير الداخلية لاستعماله القوة بإفراط ووحشية ضد الشعب المصري..  ثم كان المطلب الرابع : تحديد مدة الرئاسة بحيث لا تتجاوز ولايتين متتاليتين حيث أن السلطة المطلقة تؤدي  إلى فساد لا يمكن السيطرة عليه. لقد تطورت أحداث الثورة بشكل متلاحق وسريع منذ الخامس والعشرين من يناير  وحتي اليوم الثالث للمظاهرات حيث تم الإبلاغ عن وفاة مائة وخمسة أشخاص علي الأقل، وأصيب ما لا يقل عن سبعمائة وخمسين شخصاً سواء من المحتجين أورجال الشرطة وكانت القاهرة هي المدينة التي يمكن وصفها بأنها "ميدان حرب"، بينما كانت مدينة السويس مسرحاً لاشتباكات عنيفة متكررة في شتي أنحاء المدينة.. وقد تولت القوات المسلحة تأمين البلاد بعدما انسحبت قوات الشرطة فجأة من الشوارع وتركت  الشعب بلا حماية وقام الجيش بفرض حظر التجول الذي قام المتظاهرين بتحديه ولم يتم تنفيذه حيث كان هناك نهب وسلب من قبل العصابات والبلطجية والمساجين الهاربين . وكرد سريع لحالة الفوضي الأمنية هذه قام المصريون بتشكيل لجان شعبية لحماية الأرواح والممتلكات..
وعلي الصعيد الدولي... تباينت ردود الفعل الدولية حول هذه الاحتجاجات، فعلى الرغم من أن الأغلبية العظمي أكدت على أنها مظاهرات من النوع السلمي التي تهدف نحوالإصلاح. أعربت غالب  الحكومات الغربية عن قلقها من الوضع الراهن فى مصر ونصحت رعاياها بمغادرة البلاد كما بدأت محاولات إجلاء مواطنيها من البلاد.. فتكدس الآلاف من الأجانب في مطار القاهرة والمطارات المصرية لطلب المغادرة السريعة في سابقة قد تكون الأولي في مصر.. وفي محاولة للسيطرة علي الموقف قام مبارك قبل تنحيه بحل الحكومة وتعيين عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية نائباً له كما أقال الحكومة وطلب من وزير الطيران الفريق أحمد شفيق تشكيل حكومة جديدة.. تولي فيها الدكتور سمير ضوان وزارة المالية في ظل هذه الظروف الصعبة بل المستحيلة.. فكانت مدن مصر الكبري كلها تملأها الجماهير والمظاهرات أوقفت وأحدثت شلل تام لكل مظاهر الحياة في القاهرة و الإسكندرية والمنصورة والسويس وبورسعيد والأقصر والعريش وشبين الكوم وطنطا وكفر الشيخ وسوهاج وقنا والمنيا ودمياط.. حتي سيوة والعريش أيضاً توقفت مظاهر الحياة فيها والعمل بسبب المظاهرات والإضطرابات.. لقد تأثر بشدة قطاع التجارة في البلاد ووتوقفت أغلب المصانع عن الإنتاج وبلغت أرقام الصادرات أدني مستوي لها.. شلت الاحتجاجات  والمظاهرات إلى حد كبير الاقتصاد بكل قطاعاته، وساهم فرض حظر التجول  بدءاً من 28 يناير في تعطيل وسائل النقل وعدم إمكان توزيع السلع وتوصيلها إلي المدن والأسواق.. وأصبحت البلاد علي مشارف كارثة حقيقية بسبب ما يمكن أن يحدث من نقص في السلع الأساسية والإستراتيجية والغذاء والوقود  وارتفاع الأسعار إلى الحد الذي يزيد من حجم الكارثة..
حاولت الحكومة الجديدة في ظل الظروف الصعبة أن تقوم بتوفير إمدادات غذائية إضافية لتحقيق استقرار فى أسعار السوق وتجنب حدوث أي نقص فى المواد والسلع الأساسية.. وضعت وزارة المالية خطة لمكافحة ارتفاع الأسعار وزيادة المعروض من السلع والبضائع.. خطة تقف أمام كل هذه التحديات والمصاعب.. إلى أن تم علي أرض الواقع إنخفاض في أسعار الفواكه والخضروات بسبب توقف التصدير وبالتالي زيادة المعروض منها في السوق المحلية..
.في نفس الوقت بدأت وزارة التجارة في الحكومة الجديدة جميع الإجراءات اللازمة للحصول على السلع الإستراتيجية المتاحة في المخازن بما في ذلك القمح والسكر والدقيق والأرز ومرة أخرى كانت القضية الرئيسية هي كيفية نقل تلك السلع إلى كافة المحافظات في جميع أنحاء البلاد.
خلال الأيام الثمانية عشرة للثورة كانت الجمارك المصرية علي أعلي درجة من تحمل المسئولية.. وقامت بتحمل مسئولياتها ومواجهة كافة الصعاب والتحديات التى وجب عليها التعامل معها بسرعة وحزم وباحترافية عالية. فبينما كان المتظاهرون في ميدان التحرير يناضلون من أجل التغيير..  وبينما كانت القوات المسلحة تقوم بدورها في حماية الأمن الوطني وحماية المدن الرئيسية في جميع أنحاء البلاد... وبينما كانت الحكومة الجديدة تحاول  القيام بالإجراءات اللازمة وقيادة البلاد للخروج من الأزمة .. كانت  الجمارك تقوم بدور أكبر من دورها المعتاد.
شاركت الجمارك في غرفة العمليات الرئيسية لإدارة البلاد جنباً إلي جنب مع ممثلين عن الوحدات الأخرى الحكومية والقوات المسلحة، والتى كانت فى حالة انعقاد مستمر لمراقبة الوضع في كل لحظة وفي كل مكان. وبإيجابية غير مسبوقة في الأيام الأولي للثورة.. أعلنت وزارة المالية المصرية عن قيام الجمارك بالإفراج الفوري عن جميع الواردات من مستلزمات الإنتاج والمواد الغذائية والسلع التموينية وكذلك الواردات الاستراتيجية بموجب إقرار كتابي من صاحب الشان لدفع  الرسوم الجمركية والضرائب في وقت لاحق للإفراج  عندما تعود الأوضاع إلي طبيعتها..  كان لهذا الإجراء مفعول السحر في توفير السلع بالأسواق وإظهار التكاتف مع جموع الشعب.. ولم يقتصر الامر عند هذا الحد.. بل سعياً منها فى التغلب على مشكلة غياب الأمن وعدم توافر وسائل النقل من الموانئ إلى الوجهات النهائية قامت الجمارك المصرية بالتعاون الفوري والتام مع القوات المسلحة وتحقق من خلالها الاستعانة بشاحنات عسكرية لنقل غالبية السلع المستوردة. وللإفراج عن الواردات، واصلت البوابات الجمركية الإفراج لجميع السلع لضمان سهولة وإستمرار تدفق السلع والبضائع إلى الأسواق، ليس هذا فحسب بل تم الاتفاق مع شركة النيل للنقل البري لتوفير الشاحنات وجميع وسائل النقل المتاحة لتيسير نقل الواردات القادمة بالتنسيق المستمر مع القوات المسلحة لحماية تلك السيارات خلال فترة الانتقال من الموانئ إلى أماكن الإنتاج والتوزيع والأسواق المختلفة.. وتحقق الإنجاز الكبير في تاريخ العمل الجمركي.. حيث قامت الجمارك  خلال الأيام الثلاثة الأولى من الأزمة بالإفراج عن واردات السلع الغذائية دون تأخير، فتم الإفراج عن حوالي نص مليون طن من القمح، وأكثر من إثنين وعشرون ألف طن من الذرة، و589 طن من العدس، و500 ألف طن من الأرز، و 2726 طن من اللحوم والأسماك والدواجن المجمدة بالإضافة إلي 213 طن من سمك التونة، و6،270 ألف طن من فول الصويا. .. وكانت هذه الإنجازات علي مرأي ومسمع من الجميع في مصر وخارجها..  وهوالأمر الذي ساهم بشكل مباشر وملحوظ في التغلب على أي نقص في المعروض من السلع التموينية والإستراتيجية مما قلل من الخسائر والأضرار التي اصابت الاقتصاد القومي بسبب الأزمة..
من وجهة نظر الجمارك، كان الهدف من هذه التدابير الحفاظ بلدنا الحبيبة بعيداً عن أي نقص في الإمدادات والسلع الغذائية خلال فترة المظاهرات والحفاظ على الأمن الغذائي فى أفضل صورة ممكنة. .. وحاولت الجمارك المساهمة في استعادة القدرة الكاملة للعمل بسرعة، وأيضا توفير السيولة المالية للقطاع الصناعي الذى يمثل  أحد أهم القطاعات التي يعتمد الاقتصاد المحلي عليها فى توفير فرص العمل... يبدو أن الجمارك بهذا الدور قد تجاوزت أي دور تقليدي لتلعب دور جديد وطني يسعي لحماية الأمة من أي ضرر ممكن وتساهم بطريقتها وأسلوبها الإيجابي في دعم الثورة والعمل علي نجاحها..
ولتقديم الدعم الكامل لقطاع التصدير.. قامت مصلحة الجمارك بفتح مكاتبها بجميع الموانئ لمدة اربعة وعشرين ساعة وصدرت تعليمات بإنهاء إجراءات التصدير لمساعدة الصناعة الوطنية في الاستمرار في العمل والوفاء بالتزاماتها الدولية .. وتلخصت هذه الإجراءات الإستتثنائية التي قامت بها الجمارك خلال الأزمة في ما يلي :
صدر منشور تعليمات رئيس المصلحة رقم 1 بتاريخ 1 فبراير 2011 والذي تضمن السماح بالإفراج السريع مع تبسيط الإجراءات الجمركية عن المواد الغذائية والسلع التموينية من جميع المكاتب الجمركية مع تقديم جميع التسهيلات التي يمكن تقديمها لهم، وعلاوة على ذلك تضمن المنشور أنه في حالة عجز المستورد عن الدفع النقدي للرسوم الجمركية، ُيطلب من المستورد تقديم تعهد كتابي بدفع كامل المبالغ المستحقة بمجرد أن يعود الاستقرار إلى البلاد..
صدر منشور تعليمات رئيس المصلحة رقم 2 بتاريخ 3 فبراير 2011 تم فيه الإعلان عن أن ساعات العمل الجديدة في كافة المكاتب الجمركية بجميع الموانئ لمدة أربعة وعشرين ساعة طوال ايام الأسبوع للمساعدة في الإفراج الفوري عن السلع الغذائية والإمدادات التموينية.. صدر منشور تعليمات رئيس مصلحة الجمارك رقم 3 بتاريخ 7 فبراير 2011 وتضمن الإعلان عن لوائح جديدة تتعلق بسرعة التصدير للمركبات المفرج عنها مؤقتاً للأجانب والذين يرغبون في مغادرة البلاد هرباً من حالة الإنفلات الأمني..وتضمنت اللوائح الجديدة حق التصدير بغض النظر عن توافر شرط المدة اللازمة للسماح للتصدير عن تلك المركبات. تضمن المنشور السابق تطبيق ذات الاستثناء لشرط المدة علي الدروباك والسماح المؤقت  وكافة الأنظمة الجمركية الخاصة التي تتطلب فترة زمنية معينة صدر منشور تعليمات رئيس المصلحة رقم 4 بتاريخ 10 فبراير 2011 والمتضمن إعادة الإعلان عن ساعات العمل الرسمية للعمل الجمركي والتى تنص على استمرار العمل حتى يوم الجمعة للمساعدة في الإفراج عن الإمدادات فوراً إلى الأسواق. صدر منشور تعليمات رئيس مصلحة الجمارك رقم 5 المؤرخ في 10 فبراير 2011 والمتضمن الإعلان عن الإسراع في وتبسيط الإجراءات الجمركية علي واردات مدخلات الإنتاج والمواد اللازمة للمصانع والإمدادات من جميع مكاتب الجمارك بما في ذلك الإفراج دون دفع الرسوم في حالة عدم قدرة الدفع نقدا من الرسوم الجمركية، وسيطلب من المستورد تقديم تعهد كتابي بدفع كامل المبالغ المستحقة بمجرد أن يعود الاستقرار إلى البلاد. صدرت تعليماتنا إلى جميع موظفي الجمارك في جميع المطارات إلى بذل المزيد من الاهتمام بالركاب المصرية المغادرين للبلاد خاصة أولئك الذين يستخدمون صالة كبار الشخصيات، وذلك للكشف عن أي محاولة تهريب غير مشروعة للأموال أوالآثار أوأي سلع ذات قيمة تاريخية. ونسأل الله أن يوفق الجميع في مساعيهم لحماية مصر وتدعيمها .. إنه هوالسميع العليم ..

(2) غرفة الملاحة على مائدة الاستفسار



أحمد الطوبجى

وجه السيد الأستاذ/ محمد العقاد نائب رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية دعوة كريمة إلى عدد من قيادات مصلحة الجمارك يتقدمهم السيد الأستاذ/ وكيل أول الوزارة،  رئيس المصلحة والسادة رؤساء القطاعات وعدد من السادة وكلاء الوزارة رؤساء الإدارات المركزية ومديري العموم .
وقبل أن نعرض لوقائع هذه الدعوة وهذا اللقاء يتعين أن نشير إلى أن غرفة ملاحة الإسكندرية هي الغرفة الأم للملاحة المصرية , وقد شهدت عقب الثورة استقالة ثلاثة من أعضاء مجلس إدارتها وهم السادة محمد مصيلحى (رئيس مجلس الإدارة) وطارق فهمي (سكرتير عام الغرفة) وخالد خيري (عضو مجلس الإدارة)، وقد انعقدت على اثر ذلك جمعية عمومية غير عادية برئاسة السيد / محمد العقاد نائب رئيس الغرفة وتم قبول تلك الاستقالات , ورسم السياحة الجديدة للغرفة .
واستجابة لروح الثورة التي بعثت الأمل في الشعب المصري بكامله فقد اجتمعت غرفة ملاحة الإسكندرية ومصلحة الجمارك على مائدة التغيير فكان هذا اللقاء الجامع الذي ضم العديد من شركات الملاحة والتخليص والتوكيلات والنقل .
وافتتح الكلمة السيد/ محمد العقاد نائب رئيس الغرفة فأثنى على ثورة الخامس والعشرين من يناير وعلى شبابها الذي ضحى بروحه , كما أثنى على جيش مصر الذي دعم الثورة وحمى مصر وشعبها في ظل وضع اقتصادي بالغ الحرج ، لا فكاك منه إلا بتضافر جهود كافة فئات الشعب وأطيافه لعودة الحياة الطبيعية , حتى تستأنف عجله السياحة دورانها , وتدور معها عجلة الإنتاج والتصدير في أسرع وقت ممكن.
وقد أشار سيادته إلى الصلة القوية التي تربط بين الغرفة وبين مصلحة الجمارك وهو ما حدا بالغرفة إلى استضافة هذا الجمع الجمركي لتستمتع إلى خطط مصلحة الجمارك لما بعد الثورة , واثر ذلك على الحياة الاقتصادية , وتنقل إلى الجمارك المشاكل الموجودة على أرض الواقع . ثم أنهى كلمته بدعوة السيد/ أحمد فرج سعودي ، رئيس المصلحة لإلقاء الكلمة .
بدأ السيد الأستاذ/ رئيس المصلحة كلمته بتحية شباب الثورة وأبطالها , ورجال القوات المسلحة الإبطال ودورهم الشجاع فى مساندة الثورة وحمايتها .
ثم عقب مشيرا إلى أواصر التعاون الممتدة من غرفة ملاحة الإسكندرية ومصلحة الجمارك , 
وان هذا هو اللقاء الثاني للطرفين في ظل الإدارة الجديدة للغرفة , وأبدى استعداده واستعداد قيادات الجمارك جميعا لتلقى استفسارات وشكاوى السادة أعضاء الغرفة حول الأداء الجمركي وترك الميكروفون للسيد/ مجدي البندارى رئيس لجنة الجمارك بالغرفة لعرض الموضوعات المطروحة للمناقشة .
وفى البداية أعرب السيد/ مجدي البندارى عن شكر الغرفة لاستجابة قيادات المصلحة لهذا اللقاء وتلبية الدعوة , وبدأ في عرض المشكلات متسائلا :ـ
أين اختفى قانون الجمارك الجديد ؟ هكذا بدأ سيادته حديثه مستفسرا عن مصير هذا القانون , وهل يتطابق مع أحكام اتفاقية كيوتو من عدمه , وهل تم تعديل التشريعات ذات الصلة بأحكام هذه الاتفاقية .
وقد تولى السيد الأستاذ/ رئيس المصلحة الرد على هذه الجزئية موضحا أن هناك اجتماعات تمت مع السيد الدكتور/ وزير المالية لإعادة طرح هذا القانون على المجلس العسكري في غضون ثلاثة أشهر على الأكثر بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه .
لماذا تعاقدت الجمارك مع احدى شركات القطاع الخاص لإدارة المناطق اللوجيستة مع ما يمثله ذلك من عبئ مالي على أصحاب الشأن وشركات الملاحة ويمثل ظاهرة جديدة مع وجود الكفاءات الجمركية الحالية .
وقد أجاب الأستاذ/ احمد سعودي عن ذلك قائلا أن الهدف الذي حدا بمصلحة الجمارك إلى هذا التعاقد هو تقديم خدمة متميزة لأصحاب الشأن حيث تتكفل هذه الشركة بتجهيز المناطق اللوجستية بما تحتاجه من سبل خدمة المستثمرين من أماكن انتظار متميزة , ووسائل اتصالات دولية , ووحدات تصوير مستندات ومكاتب لخدمة رجال الإعمال , وشاشات لعرض مستجدات حركة البيان الجمركي , وغيرها من وسائل الراحة لخدمة أصحاب الشأن , ومن  ثم كان الهدف تقديم خدمة أفضل نظير مقابل مادي تحصل منه مصلحة الجمارك على نسبه محددة تضاف إلى الحصيلة الجمركية .
ثم قام سيادته بالإفصاح عن مشروع جديد لمصلحة الجمارك هو " خدمات الجمارك عبر الانترنت " والذي سوف يتيح لأصحاب الشأن إدراج بياناتهم الجمركية من مكانيهم أو منازلهم عبر الانترنت في أي وقت على مدار 24 ساعة , بما في ذلك ربط البوليصة آليا وطباعة الإقرار الشخصي وتوقيعه ، ثم تقديمه إلى نافذة واحدة تقوم بمراجعة ما تم الإقرار به على ما هو مدرج فعليا بالمستندات , وطباعة الإقرار وإنهاء الإجراءات الجمركية على أساس ذلك ، وهو ما سوف يوفر الوقت والجهد والنفقات سواء بالنسبة إلى أصحاب الشأن أو الجمارك . وقد لاقى هذا المشروع ترحيبا من جميع الحاضرين هل تم استكمال مشروع توحيد قاعدة البيانات الجمركية ؟ كان هذا هو السؤال الثالث .
وقد أجاب عنه الأستاذ/ احمد فرج سعودي بآن الشركة التي اسند إليها هذا المشروع قد تقدمت ببرنامج لم يحقق كامل احتياجات المصلحة , ولازال هذا البرنامج في طور التعديل ليلائم حاجة المصلحة .
هل هناك وسيلة ربط آلية بين مصلحة الجمارك وباقى الجهات العاملة فى مجال الاستيراد والتصدير كهيئة الميناء وشركات الملاحة والجهات الرقابية وغيرها ...
أجاب الأستاذ/ احمد فرج سعودي عن ذلك بقوله : أن هناك جهات تم بالفعل عمل بروتوكول مشترك بينها وبين الجمارك منها هيئة الميناء والرقابة على الصادرات والواردات ، وجارى استكمال هذا النمط من التعاون مع باقي الجهات .
لماذا يختلف القرار الجمركي من جمرك معين الى جمرك آخر ؟ وضرب مثلا لذلك بمشكلة مسئولية التوكيل الملاحي عن العجز والزيادة , وكذلك بالخلاف حول عملية الخصم والإضافة من الضمان الدائري.
أجاب الأستاذ/ احمد فرج سعودي عن ذلك بأن القواعد القانونية واضحة , وان من لا يتبع هذه القواعد يمكن للمتضرر عرض الأمر على قيادته ، أو على القطاع المختص والذي لن يألو جهدا في إعادة التذكير بصحيح الإجراءات .
مشكلة تحديد تاريخ تراكي الباخرة هل هو تاريخ وقوفها على المخطاف داخل المياه الإقليمية أم وقوفها على الرصيف , وأثر ذلك على احتساب غرامات التأخير المتعلقة بمواعيد تقديم المانيفست .
أجاب الأستاذ/ احمد فرج سعودي عن ذلك قائلا : انه من حيث المبدأ فإن مصلحة الجمارك سوف تعتد بالتاريخ الذي تحدده هيئة الميناء، إذ أن ذلك شانها وحدها . وأضاف أن مصلحة الجمارك تأمل أن يقدم إليها مانيفست الباخرة قبل أن تصل إلى المياه الإقليمية ، لان من شان ذلك تسهيل عملية انتقاء المخاطر قبل وصول البضاعة . وانه عالميا يتم تقديم المانيفست قبل وصول الباخرة. عدم وجود مخازن لاستيعاب بضائع المهمل ورد الحاويات الفارغة إلى التوكيل الملاحي .
أجاب الأستاذ/ احمد فرج سعودي عن تلك النقطة بأنها هي الأخرى تخص هيئة الميناء ، وأن مصلحة الجمارك لن يضيرها تخزين بضائع المهمل إن أتيحت الأماكن الكافية لاستيعابها , وإنها تسعى للإسراع في كشف رسائل المهمل وعرضها  بالمزاد سواء برسم الوارد أو إعادة التصدير لما في ذلك من صالح الاقتصاد القومي ككل.
متى سيتم تطوير أجهزة الفحص بالأشعة الحالية ؟
أجاب السيد الأستاذ/ رئيس المصلحة بآن المصلحة لديها 34 وحدة فحص بالأشعة على مستوى الجمهورية تتباين كفاءتها , وان هناك وحدتان سوف يدخلان الخدمة قريبا قدما كهدية من الصين إلى مصر , وان المصلحة تعيد النظر في الأجهزة التي تكثر أعطالها لاستبدالها بأجهزة أحدث . وأضاف سيادته أن معدل فحص الحاوية حاليا هو ثمانية دقائق، وان المستهدف أن يصل هذا الوقت إلى ثلاث دقائق فقط ، خاصة وأن نسبه محددة فقط من الحاويات هي التي تعرض على تلك الأجهزة.
هناك بعض المواني الأجنبية البرية لم يتم إدراجها بالحاسب الآلي ، ويرتب ذلك ضرورة التدخل اليدوي لحل المشكلة .
دعى الأستاذ / احمد فرج سعودي الأستاذ/ رؤوف حسين " رئيس قطاع التكنولوجيا" للتعليق على هذه النقطة فأشار إلى انه سبق لقطاع التكنولوجيا أن طلب من غرفة الملاحة اسطوانة مدمجه CD موضحا عليها الموانئ البحرية والبرية التي يمكن إن ترد منها البضائع لتغذية الحاسب الآلي بها , إلا أن الغرفة لم تقدم كافة الموانئ , وانه يتم حاليا معالجة كل حاله على حدة إذا ما تبين عدم إدراج ميناء الشحن البرى .
متى سيتم عودة النقطة اللوجيستة الأولى بالدخيلة الى العمل بعد ما تعرضت له من أحداث عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير .
أجاب السيد الأستاذ/ رئيس قطاع التكنولوجيا بآن هذه النقطة اللوجستية تم استكمال أجهزتها وتأثيثها ، وسوف تدخل الخدمة قريبا , وانه يمكن لأصحاب الشأن القيد لدى اللوجستية الثانية أو المركز المطور لحين الانتهاء منها .
لازالت مشكلة انتظار ورود كعب طلب الاسال قائمة حتى يتم تسوية الضمان .
طلب الأستاذ/ احمد سعودي من قطاع التكنولوجيا وقطاع الأمن الرد على هذه الجزئية فأفاد الأستاذ/ رؤوف حسين أن منشور الإجراءات رقم 5 لسنة 2008 يؤكد على إمكانية الاستعاضة عن كعب طلب الإرسال بآية وسيله أخرى كرسالة فاكس أو رسالة اليكترونية , وإخطار جمرك الإرسال بذلك , كما أفاد الأستاذ/ فوزي عمار بأنه يمكن لصاحب الشأن تحمل تكلفة الأخطار بأيه وسيلة أخرى . تثبت وصول البضاعة وبذلك فلا مشكلة في هذا الأمر .
وقد أكد السيد الأستاذ/ رئيس المصلحة أن المنشور يجب الالتزام به , وكلف السادة رئيس قطاع التكنولوجيا ورئيس قطاع الأمن والخدامات المالية والإدارية بآن يتركا لدى الغرفة وسيلة الاتصال يهما لتذليل أية مشكلة في هذا الشأن، وإعادة التذكير بهذا المنشور .
وفى النهاية اختتم السيد / مجدي البندراوى استفساراته بتقديم الشكر لقيادات المصلحة على هذا التعاون .. ودعا كل من لدية تساؤل لطرحه في مناقشة عامة .
وقد تقدم للحديث السيد/ محمود التهامي والذي أثنى على مصلحة الجمارك ووصفها بأنها قد دللت المستوردين . وان ما تقدمه اليوم كان بالأمس خيالا , وأثنى على تصريح الأستاذ/ احمد سعودي الخاص ببدء برنامج خدمات مصلحة الجمارك على الانترنت , وتمسك بآن تظل مستندات المستوردين تحت يد الجمارك لأنها هي الأمينة على إسرار الاقتصاد المصري .
كما تحدث السيد/ احمد القواس صاحب شركة/ الملاحة العربية المتحدة والذي يتضرر من قيام جمارك بورسعيد بنسبه واقعة وجود أصناف مخالفة داخل إحدى الحاويات إلى الوكيل الملاحي تأسيسا على نص المادة 117 رغم أن القانون لا يدعم ذلك .
كما طلب صدور قرار جمركي بتفريغ حاويات المهمل ورد الحاويات الفارغة إلى التوكيلات الملاحية لإمكان الاستفادة منها ، وسلم السيد الأستاذ/ رئيس المصلحة مستندات خاصة بهذين الموضوعين للدراسة .
وقد علق الأستاذ/ احمد سعودي على واقعة التهريب الجمركي بأنها لازالت محل بحث قانوني , إما واقعة تفريغ حاويات المهمل فإن الجمارك ليس لديها مخازن خاصة بها لتفريغ تلك الحاويات ، وإنما رجع الأمر في النهاية إلى هيئة الميناء, وأن لكل رسالة ظروفها وطبيعتها التي قد يسهل معها عرضها على الجهات الرقابية وطرحها للبيع بالمزاد , أو صعوبة ذلك .
وفى النهاية وجه مجلس إدارة الغرفة إلى قيادات المصلحة ورئيسها وافر الشكر على تلبية هذه الدعوة التي لابد أن تتكرر ، وطلبوا حمل هذا الشكر إلى رجال الجمارك جميعا .
وانصرف الجميع ,,,

(3) حوار مفتوح من أجل سلامة تطبيق اتفاقية القيمة


سحر شحاتة








لقد أردت بهذا الحوار أن أخرج عن الطريقة التقليدية للحوارات الصحفية بأن أجعل هذا الحوار حديثاً مع الأستاذ / عدلي عبدالرازق لنضع به معاً للجميع بعد مرور قرابة عشر سنوات علي التطبيق الفعلي لاتفاقية القيمة للأغراض الجمركية لمنظمة التجارة العالمية في مصر تفسيراً ومنهجية لعملية التقييم الجمركي والتي لا يزال الكثير من العاملين والمتعاملين لا يدركون الكيفية الصحيحة لها..
توجهت إلي لقاء السيد الأستاذ / عدلي عبد الرازق وكيل أول الوزارة - رئيس قطاع النظم والإجراءات الجمركية وفي رأسي الكثير من الأسئلة حول موضوع التقييم وكيف يمكن أن يقوم رئيس قطاع النظم والإجراءات الجمركية من خلال هذا الحوار ومن خلال مجلة الجمارك بتقديم الدعم الفني للعاملين في قطاع العمليات الجمركية بل وكافة القطاعات الجمركية المختلفة حول هذا المجال الأهم من المجالات الجمركية التي هي حديث الساعة وموضوع غاية في الأهمية بل ينظر إليه الكثيرين علي أنه أصبح من أكثر وسائل التهرب الجمركي شيوعاً إذا لم تكن الإدارة الجمركية علي وعي كامل وتأهيل صحيح..
إن قطاع النظم والإجراءات الجمركية بالإضافة إلي مسئوليته عن دراسة وحل مشاكل العمل اليومية التي تقع في الجمارك المصرية وتعرض علي القطاع من كافة المواقع والقطاعات بل والجهات الخارجية .. هو القطاع المنوط به وضع سياسة ونظام واضح وثابت للتقييم الجمركي لذلك كان هذا اللقاء بغرض الخروج بتفسيرات واضحة وتعليمات من الشخص الذي يقع علي رأي العمل الفني في الجمارك المصرية والحوار معه بمثابة تعليمات رسمية وقرارات فعلية تنظم العمل وتشرح تفاصيله لكل العاملين.. لذلك كان هذا اللقاء وهذا الحوار ....
س: الأستاذ عدلي عبد الرازق رئيس قطاع النظم والإجراءات الجمركية أتشرف بأن أقوم بهذا الحوار مع سيادتكم علي صفحات مجلة الجمارك ليكون هذا الحوار وسيلة جديدة تقوم بها مجلة الجمارك بمساعدة الزملاء في كل المواقع لإلقاء الضوء علي مشاكل وصعوبات ومعوقات التطبيق العملي لإتفاقية تنفيذ المادة السابعة من الإتفاقية العامة للتعريفات والتجارة والتي بعد أنضمام مصر لمنظمة التجارة العالمية بموجب القرار 72 لسنة 1995 أصبح نظام التقييم الجمركي الرسمي والواجب التطبيق هو نظام التقييم وفقا لإتفاقية تنفيذ المادة السابعة من الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة والتي بدأ التطبيق الفعلي لها في الجماــرك المصريـة من 1/ 7/ 2001.. في نظر سيادتكم.. ما هي أهم المشاكل والصعوبات والمعوقات التي ظهرت منذ بدء التطبيق الفعلي لإتفاقية القيمة..
 ج: شكراً لك، وأقول لك أنا أهلا بك في مجلة الجمارك.. وفي البداية أود أن أتناول الموضوع من ناحية ملاحظاتي عن الأداء العام للجمارك المصرية في عملية التقييم الجمركي خلال الفترة السابقة أي منذ بداية التطبيق الفعلي لاتفاقية القيمة للأغراض الجمركية قبل عشر سنوات وحتى الآن..
 ما أريد أن اؤكد عليه.. للعاملين في مجال التقييم الجمركي هو الثقة في أن الجمارك لها الحق في التحقق من البيانات والمعلومات المقدمة لها وأن هذا ليس معناه أن تقوم بضم قيم جزافية لتصحيح ما تعتقد أنه خطأ ولكنه يعطيك الحق في التشاور مع المستورد للوصول إلي بيانات ومعلومات تقرر من خلالها..
س: هل سترفض قيمة الصفقة وتلجأ للطرق البديلة .. أم أنك لم تجد ما يمنع من قبول المستندات والقيم الموضحة بها بعد قيامك بالتحقق والدراسة..

    ج: أريد أن اذكر الزملاء جميعاً بأن رفض قيمة الفاتورة (الصفقة) ليس جريمة أو خطأ، ولكنه إجراء لك كل الحق فيه  وفي المقابل، للمستورد الحق في أن يطلب تفسير كتابي بأسباب الرفض، والطريقة التي سيتم بها تقييم الشحنة المستوردة موضوع التقييم ،وهذا التفسير يجب أن يكون صادقاً وأميناً ويتفق مع واقع الحال دون أي خلاف شخصي أو غيرموضوعي ..
بمعني أدق .. يمكنك أن ترفض قيمة الصفقة عند عدم توافر أي شرط من الشروط الواردة السابق ذكرها ويتم الانتقال إلي الطرق البديلة.. بشرط أن يكون لديك أسباب منطقية وموضوعية وتتفق مع ما ورد بالإتفاقية..
وهنا أريد أن أوضح أنه للأسف يوجد بعض الزملاء الذين لا يقومون بتوضيح أسباب رفض قيمة الصفقة، فمثلاً يكتب الزميل أنه قد تم رفض قيمة الصفقة لعدم توافر شروط المادة الأولي دون توضيح أين الخلل وأي من الشروط  الأربعة الواجب توافرها لتطبيق المادة الأولي لم تتوافر وكيف.. وهل كانت حيثيات عدم التوافر متناسبة وتتفق مع التطبيق الصحيح للإتفاقية أم لا..          أريد أن يعي الجميع أنه في ظل إتفاقية التقييم الجمركي لا يوجد نسب مئوية أو قيم حكمية للقيمة الجمركية ولكن يتم قبول القيمة للأغراض الجمركية طبقا للقيمة المقر عنها صاحب الشأن والتي يجب أن تعبر بصدق عن السعر المدفوع الحقيقي والذي يتوافر فيه أحكام  المادة الأولي والتسويات الواردة بالمادة الثامنة.
النقطة الثانية التي أحب أن أتحدث عنها بوضوح هي المنشورات السعرية التي تصدر عن قطاع النظم والإجراءات الجمركية والتي يتم إعدادها بمعرفة نخبة متخصصة من الزملاء في الإدارة العامة للتقييم الجمركي بالقطاع.. هذه المنشورات يتم إعدادها بعد دراسة مستفيضة وتفصيلية لصور الفواتير التي تحصل عليها هذه الإدارة وتقوم بتغذية قاعدة البيانات السعرية بها لكي تكون بمثابة معلومة سعرية يتم الاسترشاد بها عند دراسة الأسعار التي تتضمنها الفواتير المقدمة عن شحنات مطلوب تقييمها في المواقع المختلفة..
هذه المعلومات السعرية التي تتضمنها المنشورات السعرية هي التي تعطي القائم بعملية التقييم الأنطباع عن السعر الذي يقوم بدراسته وهل هو سعر منخفض أو يتماشي مع المستويات العامة للأسعار لهذا الصنف.. لذلك فعند الإستدلال بالبيانات السعرية الموضحة بالمنشورات والتيقن بأن أسعار الفواتير لاتمثل السعر المدفوع فعلاً فعلى مأمور التعريفة البحث عن سلع مطابقة أو مماثلة أو أي من الطرق البديلة حيث أن المنشورات الإسترشادية لاتمثل سلع مطابقة أو مماثلة ولايجوز الإقرار بأرقام المنشورات السعرية المسترشد بها على أنها أي من الطرق البديلة في التقييم،.
وأضيف علاوة علي ذلك أن هذه المنشورات تتضمن ما ورد للإدارة العامة للتقييم الجمركي من مكاتب التمثيل التجاري المصري في الخارج من أسعار ومعلومات سعرية وقوائم أسعار التصدير للشركات المنتجة للسلع والبضائع والأصناف الشائع ورودها من تلك الدول ويتم دراستها ومقارنتها بأسعار الفواتير للبيانات الجمركية السابق الإفراج عنها ..
ومن خلال هذه الدراسات تقوم الإدارة العامة للتقييم الجمركي بإصدار منشورات الأسعار الاسترشادية، والتي تتضمن جميعاً عبارة واضحة تفيد مع ملاحظة أن كل ما ورد بقوائم الأسعار أو المنشورات السعرية هي أسعار ومعلومات سعرية إسترشادية عند إجراء عملية التقييم ويتم ذلك بناءً علي أحكام الإتفاقية.. أما بالنسبة لمنشورات الأسعار الاسترشادية للخيوط بأنواعها والأقمشة والملابس والمنتجات النسجية بصفه عامه فنتبع نظام عالمي للوصول إلي هذه الأسعار وهو النظام التركي...  وفي جميع الأحوال هناك تنسيق تام بين الإدارة العامة للتقييم الجمركي والمجتمع التجاري في التشاور من أجل الوصول إلي الأسعار الحقيقية.
س: واضح من حديث سيادتكم أن التطبيق الصحيح للإتفاقية هو الطريق الوحيد لتحقيق الفائدة للمجتمع التجاري والجمارك علي حد سواء...هل هذا صحيح أم أن الإتفاقية تعمل لتحقيق الفائدة للجمارك فقط.. أو المجتمع التجاري فقط ؟؟
ج: بالتأكيد.. التطبيق السليم للإتفاقية يحقق العدالة الضريبية.. ويحقق مصلحة جميع الأطراف..لأن أساس التقييم فيها مبني علي قيم حقيقية فعلية.. وليس قيم وهمية أو تخيلية أوهلامية ولا مجال للإجتهاد في أحكام هذه الاتفاقية عند تقدير القيمة للأغراض الجمركية.
س: فهمت من توضيح سيادتكم حول موضوع التشاور بين المستورد والجمارك أنه في ظل الإتفاقية أصبح للمستورد والمستخلص الجمركي دور في عملية التقييم الجمركي , ما هو هذا الدور الذي من خلاله يمكن للمستورد مساعدة الجمارك في عملية التقييم للأغراض الجمركية وكيف يمكن أن نراه علي أرض الواقع بصورة إيجابية..
ج: أعظم دور يمكن للمستورد أن يقوم به هو أن يكون إيجابياً في التعامل مع الإدارة الجمركية.. وذلك من خلال تقديم الفواتير الأصلية الحقيقية للشحنة.. - أن يوضح أي تكاليف غير واردة بالفاتورة باقرار القيمة مما يعتبر ضرورياً عند حساب القيمة الجمركية طبقا للمادة الثامنة...
- أن يعلم أنه مسئول قانوناً عن تلك البيانات لأنه يوقع بصحتها علي الإقرار الجمركي.. - يجب عليه تقديم المستندات الحقيقية للتكاليف الداخلة ضمن وعاء القيمة للأغراض الجمركية والتي لم تتضمنها الفاتورة مثل التأمين والنولون ومصاريف التفريغ.. وأن يكون علي استعداد لتقديم كل ما يطلب منه من مستندات أخري مثل عقود البيع أو المراسلات مع المورد أو أي من المعلومات التي تمكن الإدارة الجمركية من تحديد القيمة للأغراض الجمركية.. هناك الكثير من التعاون الذي يقدمه المستورد أو المخلص الجمركي مما يدعم الجمارك في عملية التقييم الجمركي..
س: بما أننا نسعي لعمل دليل تقييم من خلال هذا الحوار مع سيادتكم، أريد أن أتخيل عملية التقييم منذ بدايتها.. تقدم المستورد أو مندوبه بالإقرار الجمركي لمكتب التقييم ومعه المستندات التي تثبت صحة القيمة المقر عنها وكافة المستندات التي يتطلبها الإفراج الجمركي عن هذه الشحنة.. ما هي توجيهات سيادتكم لرجل الجمارك القائم بعملية التقييم وكيف يقوم بصفة أساسية بعملية التحقق من صحة البيانات المقدمة له؟
ج: هناك أمرين يقوم بهما.. الأول يتعلق بالنواحي الشكلية والثاني يتعلق بالأمور الفنية والجوهرية.
ففيما يتعلق بالأمور والنواحي الشكلية يقوم بفحص المستندات المقدمة ويتأكد أنها مستندات أصلية ومعتمدة وقد تكون مصدق عليها، ومطابقة لأحكام المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون الاستيراد والتصدير المصري.. وهناك الكثير من الأمور الشكلية داخل المستندات يستطيع من خلالها المثمن أن يثق في المستند أو أن يشك فيه، مثل طريقة كتابة التاريخ أو العنوان البريدي أو غير ذلك من الشكليات التي ترد بهاعادة مثل هذه المستندات التجارية..
    أما عن الأمور والنواحي الجوهرية فهو أن يكون السعر المدفوع حقيقي وفعلي ويتماشي بصفة عامة مع الأعراف التجارية الدولية في ظل المنافسة الكاملة، كذلك يقوم المثمن بمراجعة قاعدة البيانات السعرية وقوائم الأسعار الاسترشادية وأسعار البورصة والمجلات العالمية وكافة المصادر السعرية الممكنة لكي يطمئن من أن الأسعار الواردة بالفواتير يمكن قبولها لأغراض تحديد القيمة الجمركية..
 إذا خرج من هذه الدراسة بنتيجة إيجابية فيمكنه قبول قيمة الفواتير وتطبيق المادة الأولي.. أو اللجوء للطرق البديلة إذا كانت نتيجة الدراسة غير ذلك.. وعليه في هذه الحالة أن يستوعب تماماً شروط وأحكام تطبيق هذه الطرق وأن يعد مسودة للرد علي طلب المستورد بأسباب رفض قيمة الفواتير والكيفية التي تم بها تحديد قيمة الشحنة موضوع التقييم الجمركي.
س: فهمت من هذا أنه عند توافر الجوانب الفنية والجوهرية في سعر الصفقة والتي من خلالها يمكن أن نقول أن القيمة للأغراض الجمركية تتمشي مع الأعراف التجارية فيتم قبول قيمة الصفقة (مادة أولي ) بغض النظر عن توافر الجوانب الشكلية في الفاتورة تلك الجوانب التي ورد بيانها في المادة الثامنة من اللائحة الاستيرادية.
ج: المادة الثامنة من اللائحة الاستيرادية تنص علي : يشترط للإفراج عن السلع المستوردة أن تكون مصحوبة بفاتورة مدون بها اسم المنتج وعلامته التجارية إن وجدت وعنوانه ورقم التليفون/ الفاكس/البريد الإلكتروني وهذا قيد استيرادي يجب استيفاؤه وعدم توافرها يعد مخالفة استيرادية تستوجب العرض علي وزارة التجارة ، ولكن عدم توافر الجوانب الشكلية يكون بمثابة الضوء الأخضر للبدء في دراسة القيمة للأغراض الجمركية سواء من خلال قيمة الصفقة أو الطرق البديلة .
س: هل ترد إليكم مشاكل أو استفسارات لا يمكن الرد عليها أو إيجاد مرجعية لها في الإتفاقية من واقع التطبيق العملي؟
ج:عادة ان جميع الاستفسارات يتم الرد عليها وفي حالة وجود حالات استثنائية تحدث لاول مرة ولايوجد بالقطاع معلومات عنها يتم مخاطبة منظمة الجمارك العالمية أو منظمة التجارة العالمية حسب المشكلة المثارة وعند الرد يتم تعميمها بمنشورات.
س: هل هناك دور لمنظمة التجارة العالمية تساعد به الإدارات الجمركية في عملية التقييم الجمركي؟
ج: جمهورية مصر العربية عضو في منظمة التجارة العالمية منذ إنشائها ويتم التعامل معها من خلال وزارة الخارجية ووزارة التجارة الخارجية وتقوم الجمارك المصرية بمشاركة وفود هذه الوزارات في اجتماعات منظمة التجارة الدولية ومن خلال هذه الآليات وقنوات الأتصال نقوم بعرض أي مشاكل تعترض التطبيق الفعلي للاتفاقية..
 س: هل هناك ما تود أن توجهه إلي العاملين بالجمارك من نصائح وأرشادات للعمل في التقييم الجمركي؟
ج:  أود أن يتسلح الجميع بالعلم والمعرفة وأن يعطي كل زميل الكثير والكثير من الوقت والجهد لعمليات البحث والدراسة لكي يعرف أكثر، فالعلم هو سلاح رجل الجمرك وهو الذي يخلق التميز والإختلاف بين المثمن والمثمن، وأتمني أن يأتي اليوم الذي لا أري فيه تلك الملاحظات السابق ذكرها عن أخطاء التطبيق وأن يكون لديهم منهجية عادلة لعملية التقييم الجمركي تطبق علي الشحنات التي تخضع لأحكام الإتفاقية العامة لمنظمة التجارة العالمية وتلك التي لا تطبق عليها الإتفاقية مثل الترانسيت والأمتعة الشخصية والمناطق الحرة..

كما أود أن أتوجه ببعض النصائح للزملاء والأبناء من مأموري التعريفة من واقع خبرة 36 عام خدمة في مصلحة الجمارك:
- كن دائما واثق من نفسك ولاتخاف طالما عندك القدرة للرد على قرارك.. وعند دراسة القيمة للأغراض الجمركية يجب ملاحظة النقاط الهامة الآتية:
- أن يكون مدخلك لدراسة القيمة التأكد من السعر المدفوع في هذه السلعة وقت التعاقد وليس كم تساوي الان وقت التقييم.. وهذا هو الفارق بين التقييم طبقا للإتفاقية العامة لمنظمة التجارة العالمية والتقييم طبقا لإتفاقية بروكسل للقيمة .
- مقارنة القيمة المقر عنها والقيمة الموضحة بالفواتير ففي حالة الاختلاف بين القيمتين لابد من الاستعلام من صاحب الشأن عن أسباب الإختلاف واذا لم يقتنع الجمرك بمبرراته ولم يقدم المستندات الداله على هذا الاختلاف جاز للجمرك أن يرفض قيمة الصفقة لأنها تحتوي على قيم وهمية.
- أن يكون مأمور التعريفة عند رفض قيمة الصفقة مستعد للإجابة كتابةً عن الأسئلة الآتية:
أ) أسباب رفض قيمة الصفقة.
ب) الطريقة التي تم التقييم بموجبها.
وعند ذكر أسباب رفض قيمة الصفقة يراعى أن هناك ثلاثة أسباب تعطي الحق لمصلحة الجمارك رفض قيمة الصفقة.. وهى:
- أن لايكون هناك واقعة بيع فعلي مثلا ان تكون مرسلة كأمانة أو للعرض أو التخزين فقط .
- أن لايتوافر أحد شروط المادة الأولى ويراعى أن يذكر صراحةً أي شرط غير متوافر .
- أن يتأكد الجمرك من أن القيمة الموضحة بالفواتير لاتمثل السعر المدفوع فعلا ً.. حيث أن السعر المدفوع فعلا يجب أن يكون سعراً حقيقياً بأن يتمشى مع السعر العادل للتجارة الدولية.
 وفى جميع الأحوال إذا أمتنع الجمرك بضم القيمة الموضحة بالرغم من توافر احد الشروط السابقة تطبق المادة الاولى فى التفييم . وعند توضيح الطريقة التي تم التقييم بموجبها أن تتفق طريقة التقييم مع أحكام الإتفاقية العامة لمنظمة التجارة الدولية. فمثلاً لايجوز توضيح أن الطريقة التي تم التقييم بموجبها هى الطريقة الثانية (السلع المطابقة) بمرونة المادة السابعة حيث أن الطريقة الثانية ليس بها مرونات والصحيح ان التقييم تم بالمادة السابعة بمرونة المنشأ - الزمن .... إلخ - المنشورات السعرية الإسترشادية .. مجرد قاعدة بيانات سعرية للإسترشاد عند الشك في قيمة الصفقة .. ولايجوز الإسترشاد بها على أنها سلع    مطابقة أو مماثلة حيث يشترط لإعتبار السلع مطابقة أو مماثلة أن تكون قيمة تعاقدية لذلك يجب عدم ذكر أرقام منشورات عند الإسترشاد بها.
- هناك تأشيرات توضح من البعض على الإقرار الجمركي تعد مخالفة لأحكام الإتفاقية .. مثل
أ- نرفض قيمة الصفقة لعدم توافر الشروط الشكلية .. علماً بأنه ليس هناك شروط شكلية لقبول قيمة الصفقة.
ب- نرفض قيمة الصفقة لعدم توافر شروط المادة الأولى .. ولم يوضح ما هو هذا الشرط غير المتوافر .
 ج- تقبل قيمة الصفقة بضم ........... ويتم تحسين سعر الفاتورة .
د- نرفض قيمة الصفقة لتدني الأسعار .. وتدني الأسعار ليس من أسباب رفض قيمة الصفقة ولكن أن يكون السعر الموضح بالفواتير لايمثل السعر المدفوع فعلاً سبباً لرفض قيمة الصفقة .
هـ - إضافة بعض التكاليف للوصول إلى القيمة للأغراض الجمركية بضم قيم حكمية مثل 2.5% تأمين و12.5% نولون و2% تفريغ .. وهذا من محظورات التقييم طبقاً للإتفاقية .والتقييم للأغراض الجمركية يجب أن يكون بموجب أحكام الإتفاقية تحت كافة النظم الجمركية سواءً وارد أو صادر أو نظم جمركية خاصة. فلا يجب التحجج بأن الوارد برسم الترانزيت أو المناطق الحرة بوضع قيمة مخالفة لأحكام الإتفاقية.



(4) الانفلات والإنضباط الأخلاقى بعد الثورة



محمود أبو العلا




لا يختلف أحد علي أن القيم الأخلاقية هي التي ترتفع بالإنسان في قلوب الناس جميعاً من مختلف الطوائف والعقائد والرؤى ، وأن الأخلاق الحميدة هي تلك الوسيلة التي يسمو بها الإنسان وترفعه عند الله سبحانه وتعالي ، فالمولي عز وجل يقول عن أحب الخلق إليه محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم (وإنك لعلي خلق عظيم ) وهذا النبي المختار صلوات ربي وسلامه عليه يقول عن مهمته الأساسية (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ويقول ( أقربكم مني منزلاً يوم القيامة .. أحاسنكم أخلاقاً )... هذه بدايةً أهمية الأخلاق في المجتمع...
الأخلاق كلمة عامة شاملة تعبر عن صفات كثيرة، فبالإضافة إلي أنها تمثل شكل من أشكال الوعي الإنساني ، فهي تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ التي تحرك الأشخاص والشعوب ، فهي العدل وهي الحرية وهي المساواة وهي الصدق وهي الأمانة ، وقد تسود بين أفراد المجتمع لتصبح مرجعية ثقافية للشعب فيصبح هذا الشعب دولة تقوم علي أنظمة وقوانين أخلاقية تكفل الحياة الكريمة لكل أفراد هذا الشعب ، وقد يصف البعض الأخلاق بأنها هي الطباع والصفات والسجايا والأحوال الباطنة التي يمكن إدراكها بالبصيرة أو الفطرة أو الغريزة ، ورغم أن الأخلاق الحسنة تنسب دائماً إلي القلوب التي تخرج منها إلا أنها دائماً ما تكون ظاهرة ومرئية في السلوك الظاهر للجميع ، والبعض يشير إلي الأخلاق بأنها الضمير الذي يوجه صاحبه للخير، ويدفع به إلي كل ما فيه إصلاح ، بل إننا نذهب إلي ما هو أبعد من هذا حين نصف من لا يتصف بالأخلاق بأن (ضميره ميت)..
 لقد خرجت علينا ثورة 25 يناير 2011 بفجر جميل رائع مشرق أودع في نفوسنا جميعاً الأمل والتفاؤل ، وجعلنا نشعر أن الحلم الذي عاش في داخلنا جميعاً لسنوات وسنوات قد بدأ يري النور ويخرج من نطاق الحلم ليطرق باب الحقيقة ويحطم جدار الوهم والخيال والتشاؤم ، حلم الحياة الكريمة ، حلم العيش الرغد ، حلم الحرية الحقة التي حرمنا أنفسنا منها طوال سنوات وسنوات .. حلم العيش في مجتمع تسوده الأخلاق .. بعد أن كابدنا علي مر ثلاثة عقود عهداً أنزوت فيه الأخلاق الحميدة وتقدم الفساد ليقود مجتمعاً كاملاً من القمة إلي القاع ، فأنحرف المسار وضاعت الأمال وتبددت كل القيم وذهبت أدراج الرياح..
ثلاثة عقود تعلمنا خلالها في مدرسة الخوف وأصبحنا نتقن لغة البعد عن الشر مع الغناء له ، عشنا لسنوات نهتم بالبحث عن لقمة العيش ، وكلما أزداد الطغاة الظالمون في تضييق الخناق علينا ، كلما زاد كفاحنا واهتمامنا بلقمة العيش وغض الطرف عن ممارساتهم الظالمة .. وبدلاً من أن نكافح لنرفع الظلم عنا ، عشنا القهر والظلم ورضينا بالقليل والقليل جداً الذي كان يتركه لنا الفاسدون .. وصدق قول الله تعالي ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) فقد كان مكر هؤلاء الفاسدين هو الطوق   الذي أحاط بأعناقهم وأسقطهم من عليائهم وأنزلهم من صياصيهم إلي غياهب السجون التي كثيراً ما عاش فيها الأبرياء الذين دفع بهم الظلم إلي غياهب السجون..
خرجت علينا الثورة بتدبير من الله سبحانه وتعالي وتوفيق منه سبحانه لأنه أراد لهذا الشعب أن يعيش في كرامة وحرية ، أراد الله سبحانه وتعالي أن ينتصر لدعوة مظلوم ، ويالهم من كثر ، وفجأة .. بعد أن انقشعت الغمامات التي أعمت أبصارنا عن الكثير مما يدور من حولنا ، وجدنا أننا كنا نعيش في خلايا فساد سرطانية شيطانية امتدت إلي جسد الأمة كلها ، ولونت الكيان المصري كله ، فجأة اكتشفنا أن مصر بلد غني جداً فوق ما يذهب إليه الخاطر ويحيط به الخيال ، وأن كل أموال الشعب كانت نهباً ومغانم للفاسدين الذين شكلوا هرماً حقيقياً يجلس فوق قمته رئيس دولة ذهبت عنه البصيرة ، ووقع في فتنة المال والبنون ، فأراد أن يؤمن لولديه مستقبل ينعمون فيه بمليارات الجنيهات التي لا يكفي ما في أعمارهم وأعمار أحفادهم لإنفاقها ، وأراد وهو مشارك بالقصد أو مسلوب الإرادة أن يري ولده جالساً علي كرسي الحكم من بعده فيضمن بقاء الفساد سراً وعدم اكتشاف أمره ، رئيس دولة رأس دولة الفساد وانشغل بها عن الدولة التي رفعته سنوات وسنوات إلي كرسي الحكم .. وسبحان الله .. ضاعت الأخلاق الحميدة .. فضاع مبارك..
وزراء جاءوا إلي السلطة في سابقة لا نراها في أي من الأمم والدول التي تسمو بالأخلاق والقيم ، فمنهم من سخر الكرسي لخدمة مصالحة وأعماله ، ومنهم من كان خادماً لأسياده من رجال النهب والنصب ولا أقول الأعمال ، وزراء أمنوا العقاب لذلك أساءوا الأدب ، عرفوا أنه لا رقيب ولا حسيب علي ما يعملون ، فعاثوا في الأرض فساداً وفعلوا كل شئ إلا عملهم الذي وجب عليهم القيام به .. وزراء جمع بينهم المال والسلطة وحب الذات والنهب وطول البقاء علي الكرسي ، نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، ولم يتذكروا ولو لحظة واحدة مآلهم يوم القيامة والحساب الذي لا يذر مثقال ذرة من خير أو من شر .. وزراء ضاعت بينهم وفيهم الأخلاق.. فضاعوا..
وزراء رأسهم شخص لا يؤمن بالشعب الذي يحكمه ، ولا يري في هذا الشعب أي شئ إلا الأمية والجهل والفقر وعدم الجاهزية للحكم الرشيد والديمقراطية ، رجل كانت المهمة التي بسببها تم إختياره رئيساً للحكومة هي أن يسهل علي هؤلاء السادة من رجال الأعمال أن يوجهوه ويحركوه ويتلاعبوا به كيفما شاءوا دون أن يحرك ساكناً بل عليه أن يكون الداعم والمؤيد لكل قرارتهم وأفعالهم .. وأن يكون علي شاكلتهم من سوء الأخلاق وأنعدام الضمير .. ضاعت أخلاقه .. فضاع رئيس الحكومة..
حكومة أطلقت علي نفسها (الحكومة الذكية) ولكن الشعب الأمي الطيب أجتمع كله علي تسميتها بالحكومة الغبية ، غبية لأنها فرطت بكل سهولة في قيمة الأخلاق الحميدة .. غبية لأنها ظنت في نفسها الذكاء وأفترضت في الشعب الغباء ، غبية لأنها نست وتناست مهمتها الأولي والأساسية في توفير كل سبل الحياة الكريمة للشعب ، وانصرفت إلي توفير كل سبل النهب والنصب لرجالها ورجال رجالها ، وبلغ الغباء مداه أن أصدرت تقريراً بعد خمس سنوات يعدد الإنجازات الوهمية التي حققتها ، وكانت النتيجة أن منحها الرئيس القائد تمديداً في العمر لتستمر كثاني أطول وزارة في مصر وكأنها قد فعلت الخير كل الخير للشعب .. مع أنها الحكومة الأولي وقد تكون الأخيرة التي أطاح بها الشعب وأنزلها من صياصيها إلي غياهب السجون .. وهي قبل ذلك الحكومة الأولي في تاريخ مصر التي ضاعت الأخلاق فيها فضاعت وأنزلقت وفسدت وجاءت في صحيفة التاريخ كأول حكومة تدخل بالكامل إلي السجن...
لقد اتسم عهد مبارك بطول عمر الحكومات بشكل غير مسبوق في كل العهود التي سبقت عهده ، فعلي مدار ثلاثون عاماً قضاها علي رأس الدولة ، أبقي علي أربع حكومات فقط لمدة تقترب من  25 عاماً من بين عشرة حكومات في عهده فحكومات عاطف صدقي وعبيد والجنزوري ونظيف بقيت منذ عام 1986 وحتي عام  2011 ، وفازت حكومة عاطف صدقي بلقب أطول الحكومات عمراً حيث عاشت تسع سنوات وبضعة أشهر وجاءت في المركز الثاني حكومة نظيف التي بقيت أكثر من ستة سنوات ونصف ، وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي غياب البصيرة وانعدام الضمير والتمسك برؤوس الفساد التي قتلت الأبرياء وهتكت الأعراض وأفقرت الفقراء لتنعم هي ورجالها ورئيسها بالمال والممتلكات وأنعدام الأخلاق..
لقد أتصفت حكومة نظيف بأنها الحكومة الأكثر أزمات في تاريخ الحكومات المصرية ، فضلاً عن ملفات الفساد التي أقترنت بها وبوزرائها ، ولم يتسم عهد مبارك بالوزارات المعمرة والفاسدة فحسب ، بل إنه عهد سيبقي علي مر التاريخ معروفاً برجال السلطة المعمرين ، رجال بقت كاميرات السلطة عليهم في مواقع واحدة أو مختلفة سنوات طويلة .. وهذا دليل آخر علي فساد الضمير وغياب البصيرة وأنعدام الأخلاق .. رجال كانوا في دائرة الضوء الفاسد لعشرات السنوات .. يأتي علي رأسهم صفوت الشريف الذي كان أحد أبرز رجال مبارك علي مدي "29" عاما منذ توليه وزارة الإعلام من 1983وحتي 2004 ثم رئاسة مجلس الشوري وأمانة الحزب الوطني من2004 وحتي 2011  ، ثم يليه في القائمة الدكتور فتحي سرور ثاني المعمرين بـ "26 ) عاما حيث تولي وزارة التعليم من 1986 وحتي 1990 ثم رئاسة مجلس الشعب من هذا التاريخ وحتى 2011، يليه الملقب بالفنان فاروق حسني وزير الثقافة بـ25" عاما في الوزارة ابتداء من 1987 وحتي 2011  .. أيضا عمرو موسي بـ"??" أعوام وزيرا للخارجية خلال الفترة من 1991 وحتي 2001، وأخيرا حبيب العادلي وزير الداخلية بـ"12" عاما  ابتداء من 1999 وحتي 2011..
 ولا تتوقف الإنفرادات العجيبة والغريبة التي تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية .. لطول البقاء .. وطول العمر في السلطة عند هذا الحد ، بل أيضاً تفوقت في مثلبة أخري ونقيصة أفدح وهي نوعية الوزراء الذين تولوا الحقائب الوزارية فيها ..فهذا حاصل علي الثانوية العامة , وتلك لم تحصل عليها ،وثالث يحمل جنسية خلاف المصرية ، ورابع يتولي وزارة معينة ، ثم بعد أيام يتم نقله لوزارة أخري ، كأنه خلق ليكون وزيراً لأنه موهوب بالفطرة .. أنعدمت الأخلاق .. فضاعت المصالح وضاعت الأمال .. وسقطت الحكومة الغبيـــــة ..
 لقد سادت في هذه الحكومات أخلاق جديدة لا يعرفها أي دين سماوي .. سادت فيها صفة النفاق والتملق والرياء كأحد أقوي الوسائل للوصول إلي هذلاء الشرذمة القليلة .. وزراء يقبلون يد الهانم ... ويد الكبار .. ويد أولياء النعم عليهم ..أحمد عز .. الهانم .. سوزان مبارك ..صفوت الشريف .. وآخرين وآخرين.
وزراء أسقطوا أنفسهم بأنفسهم ، فبدلاً من أن يستعينوا بأهل الخبرة والمعرفة لكي يرتقوا بالأداء إلي قمته .. أتوا بمافيا من نوع جديد أسمها (المستشارين) أو أهل السبوبة ، وفقد لقب (مستشارالوزير) كل الرونق والاحترام الذي كان عليه أيام سادت الأخلاق ، وتلوث اللقب بالأخلاق الفاسدة بعد أن ألتصق بأشباه الرجال من أصحاب المصالح والمعارف الذين التفوا حول الوزراء  وبلغت أعدادهم ومرتباتهم الأرقام الفلكية ، وكان شغلهم الشاغل وعملهم الوحيد هو قضاء حاجات كبار القوم من اللصوص..
مستشارون أنعدمت فيهم الأخلاق .. فضلوا وأضلوا من استعان بهم وسقطوا جميعاً من عليائهم الوهمية إلي غياهب السجون وصفحات التاريخ التي تكتب أسماء الأشرار..
وجاءت الثورة .. تدبير من الله .. ( ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين ) لا يمكن لأحد أن يدعي أنه خطط لهذه الأحداث ولا لهذه الثورة ،  ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه توقع هذه الأحداث بهذه السرعة وهذا الترتيب الإلهي الرائع الذي أراد به المولي أن يرفع الظلم عن العباد ، وأن يعطي لشعب مصر الفرصة لكي يحيا حياة كريمة ، إذا تمسكوا بالأخلاق الحميدة ، ومارسوا الشعارات التي طالما سمعوها من قبل ككلمات جوفاء لا علاقة بها بالواقع ولا بالعمل ، الأخلاق الحميدة .. هي طريقنا الوحيد لعلاج كل أخطاء الماضي .. طريقنا الوحيد لتحقيق أمال الشعب
وطموحات الملايين في العيش الرغد بعد مئات السنين من الفقر والمعاناة والظلم .. طريقنا الوحيد لاستعادة الكرامة المفتقدة والعزة الضائعة..
قد ذهب وقت الفاسدين ..ولكنهم قبل أن يمضوا بلا عودة ولا رجعة ، تركوا ورائهم شرذمة من البلطجية والأفاقين واذيال النظام تسعي لك ما أوتيت من قوة أن تزعزع أركان هذا النصر الذي جاء من عند الله ، وأن تقوض تلك المكاسب التي تحققت لهذا الشعب الذي يتسحق كل العزة والكرامة والنصر والفخر ، شرذمة قليلون .. يزرعون نار الفتنة بين الشرطة والشعب ، وبين الشرطة والشرطة ، وبين المسلم والمسيحي ، وبين الأخوان والسلفيين ، وبين الجيش والثوار ، وبين الحكومة والعاملين ، كلما زادت المجموعات الطائفية المتنازعة كلما نجحت مقاصد هؤلاء وتقوضت المكتسبات وضاقت دائرة الحرية.
إن أول دروس الحرب الأهلية ومسبباتها أن يتوافر في المجتمع:
-  الغياب الأمني.
-  الشائعات التي تزيد نيران الفرقة بين جموع الشعب.
 وكلما زادت درجة الغياب الأمني ، وتعطل العمل في جهاز الشرطة ، كلما توافر المناخ الجيد للحرب الأهلية ، لأن في هذه الحالة سيكون هناك مبرر للقوة الذاتية و الأمن الذاتي واعتماد كل فرد وكل طائفة علي ما توافر لها من أمكانيات وأسلحة ، وكلما زاد عدد الطوائف والفئات التي تتصارع ، كلما زاد أمد الحرب الأهلية وطال مداها واتسع نطاقها. علي أن القاسم المشترك في كل هذا هو الإنفلات الأخلاقي .. لأنه هو الذي يبرر للقاتل القتل دون وازع من ضمير ، وهو الذي يبرر إلقاء التهم علي الأبرياء ، وهو الذي ينادي بالحكم علي من يختلف معنا بالكفر والإلحاد والقتل دون محاكمة.
في ظل الإنفلات الأخلاقي .. ينزوي الشرفاء من جديد .. وتضيع القيادة الرشيدة .. ويقفز علي السلطة بلطجية من نوع جديد ، وياله من تغيير . ديكتاتور يحكم لمدة ثلاثون عاماً بمبدأ (ما أريكم إلا ما أري) يخلفه إنفلات أخلاقي يسود المجتمع .. فيعلو صوت الصغير .. ويصمت فيه الكبير ..
زمن أسماه المسلمون الأوائل " زمن الفتنة " الكل يتحدث .. الكل يقدم الفتوي .. الكل يدعي العلم والمعرفة .. الكل معه القوة .. زمن الحرية الفاسدة.
إنني أدعوا المثقفين والعلماء والقيادات من مختلف التوجهات والثقافات إلي الخروج من الصمت ، والصبر علي ما يحدث علي أرض الواقع ، والقيام بدور حقيقي في توجيه ثقافة الملايين ، هذا هو الدور الحقيقي للقيادة والزعامة ، أن ترشد الناس لما يجب أن يكون ، لا أن تتركهم فيما هم يفعلون ، لقد كان يجب علي الحكومة وجميع المتكلمين أن يخرجوا للشعب في قنوات التلفزيون والصحف بأنواعها وكافة وسائل التواصل لكي يشرحوا للشعب ماذا هي نتيجة (نعم) ، وماذا هي نتيجة (لا) قبل إستفتاء يوم 19 مارس الماضي.
لقد خرجت الجماهير لتمارس حقها في الإدلاء باصواتها وليس بينهم من يعرف علي وجه التحديد والتفصيل ما هي النتائج والخطوات التالية لقراره بـ(نعم) أو بـ ( لا) .. البعض قال أن (نعم) معناها إنهاء حالة الفوضي والعودة للعمل ، والبعض أعتقد أن (لا) هي دعم لأصحاب المصالح والأهواء ، ولكن لم يخرج علينا أحد ليطلعنا علي حقيقة الأمر..
هل كان الإستفتاء علي:  - هل تقبل التعديلات التي تمت علي الدستور؟ أم تريد دستور جديد ؟  أم كان علي : - هل تقبل التعديلات التي تمت علي الدستور؟  أم ترفضها؟
غابت الثقافة .. غاب القائد .. غاب الدليل .. فضاعت الأصوات في أول تجربة ديمقراطية حقيقية يعيشها الشعب المصري ، ولا نريد أن تضيع أي مكاسب بعد هذه التجربة..
إن أبسط مبادئ الحرية الحقة - أن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. - وأنك حر ما لم تضـــــر، وأن الحوار هو الطريق الوحيد للوصول للقرار.
وأدعوا الجميع .. إلي النظر إلي هذه الموازين الثلاثة .. هل حقاً نعمل بها ،، هل حقاً هي التي تسود بيننا ، هل حقاً نحن عليها سائرون.
إن كانت الإجابة نعم .. فمرحباً بعصـر جميل جديد من الرفاهية والحرية. وإن كانت الإجابة غير ذلك.. فمن  نفق إلي نفق .. يا قلبي عليك أن تحزن..

(5) رجال على خط المواجه (السلوم)

محمد مرسي

   وأنت في طريقك إلى مدينة السلوم تلك البقعة الغالية من ارض مصر، البعيدة بعد الماضي الذي يرسم  علاماته على الطريق ، هنا في هذه المنطقة التي شهدت رمالها قيام حضارات وسقوط أخرى ، الا أنها بقيت صامتة شأنها شان كل شيء هنا ،  تعرفنا تميزنا نحن أبناؤها ، قد تقسو أحيانا لتعود بعد ذلك لتصفو مثل عيون المياه التي تمتلئ بها .

    طريق طويل يسير من الإسكندرية إلى كل مدننا الساحلية الغربية بعضها صحراوية ، ومعظمها ساحلية لنصل إلى السلوم ، عندما تصل إليها تبهرك تسحر عينيك ، مدينة في حضن الجبل يحوطها البحر ليكسبها مزيدا من الغموض، ونعود لنتعرف عليها السلوم تلك المدينة الجميلة القابعة في أحضان هضبة السلوم ، يقيم أهل المدينة تحت الهضبة التي تحيط بالمدينة ويشتد جمالها ليلا عندما تضاء الأنوار على الجبل لتمهد للوصول إلى الجمرك ، إلى الميناء البرى وحدودنا مع ليبيا .

    نصل إلى السلوم لنتعرف على رجال الجمارك على خط النار ، لا نعرفهم بذواتهم ولكن نعرف ما قدموه كشركاء في الحرية، حملوا أرواحهم على أيديهم ، وعملوا في صمت دون كلل أو تعب او تذمر ،يصلون الليل بالنهار ،يحملون أمانة تخاذل عنها من تخاذل وهرب منها من هرب ، ولا يزالون كذلك حتى الآن. من المؤكد أنكم تستعجلون التعرف عليهم ولكن كان لابد في البداية  أن نشكرهم ونستمر في شكرهم حتى النهاية . 

    عندما تصل إلى جمرك السلوم  يصعقك هول الزحام بالمنفذ ، طابور من السيارات لا نهائي ، ألاف من العائدين يفترشون الطرقات والصالات الجمركية ، الكل يعمل الكل يتزاحم عليه الجميع ، منفذ السلوم تعرض لأكبر تكدس جمركي عرفتة مصر في الحقبة الأخيرة.

    اقتربنا اكثر من الحدث خيوط المشكلة بدات تنسج  مع بداية ثورة الحرية ثورة 25 يناير وتزعزع الاستقرار  الأمني وغياب متعمد للشرطة ، استيقظت المدينة على حدث رهيب لقد تم إحراق مبنى امن الدولة وقسم شرطة السلوم تعبيرا من أهل السلوم عما  تعرضوا له من الظلم والألم والقسوة خلال السنوات الماضية ، واستغلال قانون الطوارئ لاعتقال وتعذيب الكثير من أهل البلد ،هؤلاء البدو الطيبون من قبيلة أبناء على ، فأتسعت الفجوة بين الأمن والشعب ، مثل كل شعب مصر.

    و استمرت تلك الأحداث حتى حضور رجال القوات المسلحة والسيطرة على الأوضاع في المدينة وبدأ الاستقرار يعود اليها تدريجيا . ورجال منفذ السلوم ليسوا بعيدين عن الاحداث فمع  اندلاع شرارة  ثورة 25 يناير بدأ الليبيون المتواجدون في مصر يشعرون بخطورة الموقف الداخلي  فبدأت رحلة الفرار من مصر ، وامتلأ منفذ السلوم بمئات السيارات المغادرة الى ليبيا في صالة السفر في نزوح جماعي للأخوة الليبيين ، وفي هذه الأثناء كان العاملون في جمرك السلوم يؤدون أعمالهم بكل همة ، وتضاعف مجهودهم وتزايدت أعباءهم بسب غياب رجال الشرطة نتيجة تلك الأحداث. فكانوا يبذلون جهد مضاعف في إنجاز الأعمال في صالة الوصول وصالة السفر وأعمال الترانزيت والسيطرة علي أعمال التهريب التي تتم عن طريق المنفذ بأقصى قدر ممكن. دون كلل أوتعب محاولين طمأنة المغادرين ، وإيصال الإحساس بان ثورتنا سلمية وجاءت لانقاذنا ومساعدة جميع الاشقاء.

    ولكن وقبل ان تعود الامور الى سابق عهدها فوجئ الجميع بإندلاع الثورة  الليبية لتكمل الثالوث (تونس - مصر واخيرا ليبيا )

    بعد اثنين وعشرين يوما من قيام الثورة المصرية قامت الثورة الليبية في 17/ 2/ 2011 دفاعا عن الحق والشرف والحرية ، وبدأ مرة أخرى النزوح الجماعي ولكن في الاتجاه العكسي من ليبيا إلى مصر ولكن كان هذه المرة اصعب واشد لمئات الآلاف من المصريين ، ولكنه ليس عودة للمصرين فقط ولكن كل العاملين فى ليبيا من جميع الجنسيات ، هروبا جماعيا من الجحيم الى مصر والى تونس ، وكذلك الليبيون انفسهم من النساء والاطفال والشيوخ نزوح جماعي تجاه المنفذ، وبدأ الضغط غير العادي يقع علي موظفي الجمارك الشرفاء ، فسارعوا ياستقبال العائدين من ليبيا وإنهاء الإجراءات الخاصة بالتفتيش في دقائق معدودة. وقام رجال القوات المسلحة الشرفاء بتجهيز أتوبيسات بالمئات لإجلاء الآلاف من العائدين بالمجان ،وتقديم الطعام والشراب لهم ومعاونتهم في الوصول إلي ديارهم سالمين وكان هذا في صالة الوصول.

    واستمر جمرك السلوم خط الدفاع الأول يستقبل على مدي ثلاثين يوماَ جميع المصريين من المنطقة الشرقية بالجماهيرية ، ويبذل رجال الجمارك مجهود غير عادي ورائع ومشرف في إظهار كل الود والمعاملة الحسنة في استقبال المصريين الفارين من الحرب الدائرة في ليبيا ، ومحاولة طمأنتهم وتقديم المساعدة المعنوية لهم بعد كل ما تكبدوه من آلام.

    ولم يكن المصريون العائدون هم الشغل الشاغل ، بل انضم اليهم مئات الآلاف من الجنسيات ألآخري، مثل البنغاليون والأفارقة والصينيون. وقد أشادت جميع المنظمات بحسن معاملة رجال الجمارك للعائدين من ليبيا. وأدى وصول مئات الآلاف إلى جمرك السلوم ونتيجة للتدفق غير العادي من الأفارقة تعذر الإقامة في المدينة ، فشرع القادمون في المبيت في صالات الوصول و السفر وساحة الترانزيت وساحة النقل ومبني ديوان الجمارك ، نظراَ لأن معظم هؤلاء من الدول الفقيرة التي يصعب ترحليهم علي الفور.

    نقترب اكثر من الصورة لنرى معاناة رجالنا هناك ومحاولتهم المساعدة وهم على خط النار يقدمون أقصى ما لديهم من مساعدة الإخوة والأشقاء من كل الدول وبسب الزحام الشديد من الأفارقة بالساحة وصالة الوصول قام رجال الجمارك بتحويل مسار العمل علي المسار السياحي والمسار العادي .

    وهنا بدأت تظهر مشكلة خطيرة ومرعبة بسب وجود أعداد هائلة من الأفارقة في كل مكان بمنفذ السلوم ، وأصبحوا يقيمون لأيام طويلة والمكان غير مؤهلً لمبيت وإقامة الآلاف منهم ، وذلك لعدم وجود دورات مياه كافية للاستحمام وخلافه ، مما يؤدي إلي انتشار الأمراض والأوبئة وبالتالي انتقال العدوى لموظفي الجمارك. وهذا الوضع سبب قلقا شديدا بين موظفي الجمارك الا انه لم يعقهم عن آداء واجبهم.

    ومع تردي الأوضاع في ليبيا وتدفق آلاف السيارات الليبية التي تحمل الليبيين الهاربين من سوء الأوضاع، يبذل رجال الجمارك الشرفاء مجهودا غير عادي وخاصة رجال الإفراج المؤقت الذين يسارعون بإنهاء إجراءات السيارات بكل أمانة ويبذلون مجهودا مضاعفا لدخول الليبيين بأقصى سرعة ممكنة  الى الأراضي المصرية ، تقديرا لظروفهم وفى نفس الوقت تطبيق اللوائح والقوانين الخاصة بذلك. . والى لقاء قريب مع موقع جمركي آخر على خط النار.

(6) الانترنت وانعكاساتها على العمل الجمركى



فاتن فهيم

تعد المعلومات من أهم مقومات الحياة ومن أبرز ركائز التقدم الحضاري ، ولها ارتباط وثيق  بجميع ميادين النشاط البشري ، وهي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هذا النشاط . فالإنسان يعتمد على المعلومات في جميع نواحي حياته الخاصة والعامة وفي كل خطوة يخطوها، وهكذا كانت المعلومات وما زالت من الظواهر التي صاحبت الإنسان منذ نشوء المجتمعات البشرية عندما وجد الإنسان على وجه الأرض وأحس بحاجته الطبيعية للتعايش والتواصل. ومن هنا حرص الإنسان على تبادل المعلومات وتناقلها ليفيد ويستفيد.
كلمة "إنترنت" Internet هي اختصار  International Network وهى شبكة المعلومات العالمية والتى أتت كأبرز ثمرة نتجت عن تلاحم ثلاث ثورات كونية هي ثورة المعلومات ، وثورة الاتصالات ، وثورة الحواسب .
الانترنت تسمح للناس بالاتصال والتواصل واكتساب المعلومات من الشبكة الممتدة الي جميع أرجاء الأرض بوسائل بصرية وصوتية ونصية مكتوبة، وبصورة تتجاوز حدود الزمان والمكان والكلفة وقيود المسافات - وتتحدي في الوقت نفسه سيطرة الرقابة الحكومية.
وإذا أردنا أن نعرف لمحة عن تاريخ الانترنت فأهم محطاتها التاريخية :
- ظهر الإنترنت سنة 1969 نتيجة لمشروع أربانت ARPANET الذي أطلقته وزارة دفاع الولايات المتحدة وأنشئ هذا المشروع من أجل مساعدة الجيش الأمريكي عبر شبكات الحاسب الآلي وربط الجامعات ومؤسسات الأبحاث.
- ولقد تم أول عرض عام لشبكة أربانت في مؤتمر العاصمة واشنطن سنة 1972بعنوان العالم يريد أن يتصل ، والسيد راي توملنس يخترع البريد الإلكتروني ويرسل أول رسالة على أربانت.
- وفى عام 1977أصبحت شركات الكمبيوتر تبتدع مواقع خاصة بها على الشبكة
- عام 1980 قامت شبكة أربانت بنشر مواصفات برتوكول TCP/IP مجاناً ويعتبر من أهم القرارات التي رسمت مستقبل الإنترنت.
- عام 1985 شركة كمبيوتر تسجل ملكية إنترنت خاصة بها.
- عام 1990 تم إغلاق أربانت وتولت إنترنت المهمة.
- وتعتبر تونس  كأول دولة عربية ترتبط بشبكة الإنترنت1991.
- عام 1995اتصل بشبكة  إنترنت ستة ملايين جهاز خادم وخمسون ألف شبكة، وإحدى شركات الكمبيوتر تطلق برنامج البحث في الشبكة العالمية . وتبع ذلك زيادة استخدام الإنترنت بشكل مطرد فى عدد المستخدمين ومجالات الاستخدام
إن انتشار إستخدام شبكة الإنترنت في مختلف مجالات حياتنا له آثارعلى مختلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية ونعرف جميعاً الكثير من فوائد وإستخدامات الانترنت مثل البريد الإليكترونى ومواقع الهيئات والشركات المتخصصة والخدمات المالية والمصرفية ومواقع الأخبار وخدمات التعليم عن بعد وكذلك البحث المرجعى وخدمات الحوار والدردشة والتواصل و..... وخدمات التجارة الإليكترونية التى شهدت التجارة الإلكترونية في السنوات الأخيرة نمواً انفجارياً ويؤكد المحللون الاقتصاديون أنها أصبحت مفتاح التطور الصناعي، والمحور الأساسي للتطور الاقتصادي على المستويين الدولي والوطني.
يقدم قطاع التكنولوجيا بمصلحة الجمارك خدمات الربط بالانترنت للإدارات والمواقع المختلفة للتواصل مع منظمة الجمارك العالمية وجمارك الدول المختلفة وتبادل المعلومات مع دول الاتفاقيات والوزارات والجهات المتعاملة مع الجمرك وكذلك يقدم خدمات البريد الالكترونى وتوفر الجمارك فى موقعها على الانترنت عديد من المعلومات الجمركية.
وفى الرؤيا المستقبلية لقطاع التكنولوجيا بالجمارك وجدت طموحاً وآفاقا جديدة للإستفادة من الانترنت وفى تقديم خدمات متطورة للمتعاملين مع الجمارك ومن خلال لقائى مع الأستاذ / رؤوف حسين رئيس قطاع التكنولوجيا أوضح سيادته أن قطاع التكنولوجيا يسعى لتحسين الخدمات الجمركية المقدمة للمتعاملين بشكل جديد ولتحقيق هذا الهدف فإن القطاع بصدد تطوير برنامج خدمات الجمارك على النت بإسلوب حديث DOT.NET   واطلاق حزمة من البرامج المتكاملة من خلال النت بحيث تتيح هذه البرامج للعميل القيام بكافة خطوات الافراج الجمركى بالكامل من مقر العميل أو من خلال اللوجيستيات الجمركية بمعرفته ، توفيرا للوقت والجهد والأموال وإستكمالا لمنظومة الخدمات اللوجيستية.
وهذا يتيح للعميل ربط البوليصة الكترونيا - ادراج بيانات الرسالة بالكامل - ارسال المستندات الكترونيا بنظام المسح الضوئى ((SCAN - تحديد مسار الرسالة خط أخضر أو أحمر - حساب الرسوم الجمركية آليا - سداد الرسوم إلكترونيا بالاضافة إلى التعرف على جهات العرض ان وجدت .
ومن المشرف أن عملية التطوير للخدمات الجمركية عبر موقع الجمارك المصرية ستتم بجهود العاملين بقطاع التكنولوجيا دون أدنى تكلفة على مصلحة الجمارك المصرية وفى فترة زمنية قياسية. تفعيل الخدمات الجمركية عبر موقع مصلحة الجمارك المصرية سيحقق كثير من المزايا والفوائد المتوقعة نذكر منها ما يلى :-

أولا : بالنسبة للمتعاملين مع الجمارك
- الخدمة 24/ 7 ( 24 ساعة طوال أيام الاسبوع).
-  ادراج البيانات الجمركية من مكاتب المتعاملين أو من مكاتب وشركات و مصانع وربط البوليصة وادراج بيانات الفواتير ومعرفة المسار الجمركى (أحمر- أخضر) بصورة مبدئية لحين التقدم للجمارك و تسليم المستندات.
- تفعيل عملية المسح الضوئى(Scan) للمستندات من خلال الخدمات الجمركية عبر موقع الجمارك المصرية بما يتيح الاحتفاظ بالصور الاليكترونية وتقليل الاعتماد على المستندات الورقية.
- الاجابة على عدد من الأسئلة المتعلقة بكفاية المستندات المرفقة بالبيان الجمركى و التى يتم الاجابة عليها بمعرفة المتعامل و ذلك بعد تمام عملية الـ SCAN  للمستندات.
- تفعيل جهات العرض الرقابية لمحددات بنود التعريفة الجمركية المتكاملة.
- حساب الضرائب والرسوم الجمركية والسداد الاليكترونى لها بصفة مبدئية لحين التقدير النهائى بمعرفة الجمارك.
ثانيا : بالنسبة للجمارك
من خلال شباك استقبال رقم (1) بالمنطقة اللوجيستية يقوم صاحب الشأن أو مندوبه بتسليم أصل المستندات السابق ارسالها إليكترونيا للافراج عن الرسالة.
وإن كانت الرسالة محدد مسارها خط أخضر اليكترونيا يتم مراجعة اسئلة كفاية المستندات ومدى صحة الاجابة عنها فان كانت الاجابات صحيحة يتم اعتماد المسار أخضر ويتم اعتماد اجراءات الرسالة وإن كانت الإجابات خاطئة أى غير مطابقة من الناحية الشكلية للمستندات يتم تغيير المسار الى الأحمر.
أما اذا كانت الرسالة محدد مسارها إليكترونياً خط أحمر فيتم السير فى اجراءات الكشف والمعاينة العادية .
ثالثا :  نظرة مستقبلية
بعد تمام عملية المراجعة للمستندات التى تم حفظها اليكترونيا على قاعدة بيانات الجمارك يمكن تسليمها الى المتعامل بموجب تعهد يقدمه بالاحتفاظ بتلك المستندات لمدة ثلاثة أو خمسة سنوات لتقديمها حين طلبها للمراجعة اللاحقة و ذلك وفقا لما سيتم تشريعه بقانون الجمارك . وبذلك تنقل عملية الحفظ للمستندات لتكون على عاتق المتعامل و ليس الجمارك. 
وندعو الله أن يوفق قطاع التكنولوجيا فى تحقيق طموحاته وأن تكون واجهة مشرفة للجمارك ونقطة مضيئة لمصرنا الحبيبة.